يقولون أن أمنية كل من له مولود فى مصر أن يعيش حتى يرى اليوم الذي
يصبح فيه المعدول طبيباً أو مهندساً ،وأن يتزوج...
لو مازحت ولى أمر طالب فى الثانوية -مجرد مزاح-بأن ابنه سيلتحق بكلية
الزراعة الأميرية الملكية
ربما كان رد فعله السريع أن يبصق فى وجهك ثم يهب غاضباً وهو يصرخ
"يا أخي فال الله ولا فالك"
وأوصيك أن لا تغضب منه أو من تلك البصقة التى ما زال رذاذها يسيل على وجهك
فالرجل عنده حق وأي حق ،هوه كان بيربي المعدول ويهندسه ويزغده ويدفع دم قلبه
فى دروس خصوصية وخلافه ويفقع مرارته عشان المعدول يُنفى إلى زراعة...
لو درى هذا الرجل بأن فلذة كبده سيكون هذا مصيره لربما ما أنفق عليه مليماً واحداً
ولقال"خليه قاعد يتعلمله صنعة أحسن"
ولكن هذا الرأي غير صائب منه فى البداية وهو معذور ..بلى وأي عذرِ
لم يدر الرجل أن زراعة هى الطريق لتعلم جميع الخبرات الحرفية
والعملية فى الحياة،حيث أن تلموذ زراعة يدرك منذ بداية طلبه للعلم الزراعي
أن الحكاية مش ناقصة فقع مرارة الوالد أكثر من اللازم،
حيث أن مستقبله معروف منذ البداية ..مستقبل أبيض يا ورد وأي بياضٍ.
لذلك فإنما حالما يلتحق بزاعة فأنه لا يولى وجهته نحو الكلية بمقرها البديع
بل يذهب إلى المقهي عِدل..لا ليشيش أو يتفرج على الدش لا سمح الله ..
فأهل زراعة أجل من ذلك وهم فى شغل عن هذه التفاهات.
ولكن لأن المقهي هو المكان الأنسب لطلب رزق يومه
حيث سريعاً ما يفد طالبي طلبة كلية زراعة بالذات ويفضلونهم على غيرهم من طالبي العمل الحر
للعمل كعتالين وشيالين ومبيضين محارة بل وإن استلزم الأمر للعمل كسواقّين
يذهب طالب زراعة إلى المقهى المنشود ليجد زملائه ذوي الخبرة والعلم
ممن سبقوه فى التخرج الذين يرحبون بأي وافد زراعي جديد ينضم للموكب
عكس ماهو معروف فى المثل الدارج"ماعدوك إلا ابن كارك"..
آه لو درى الوالد ما يحصله ولده من هذه الدراسة المتشعبة الجوانب
ربما ما استمع إلى كلام الواشين والشامتين من أن الولد خايب خيبة أبوه وأهله
وربما رضى بالمقسوم والمقدور ....ولكن؟!!!!!
العقلية المصرية الثابتة"يا طب...يا هندزة"